هل قابلت يوماً احد الاشخاص الذي اخبرك انه يجب عليك ان تدرس اللغة العربية الفصحى لتصبح مذيع او مقدم بودكاست ناجح؟ هل قال لك انه يجب ان تقوم بوضع علامات الضبط بالكامل على الاسكربت الخاص بك ليكون لديك نص جيد ؟ ولكن السؤال هنا هل اللغة العربية الفصحى وحدها تصنع مقدم/مذيع بودكاست ناجح؟
غرف جلد الموهوبين في Clubhouse

دعني اقول لك شئ، في عالم البودكاست والعوالم الاخرى المجاورة له مثل الاداء الصوتي والتعليق الصوتي هناك الكثير من الاشياء الغير واقعية واشياء اخرى تجارية ودائماً من يحاول تقديم الخدمة الصحيحة هو من يتعرض للنقد الهدام ولا يلقى اهتماماً بما يقدمه.
هل تتذكرون تطبيق Clubhouse ذلك التطبيق المتخصص في الغرف الصوتية والذى بدأت شهرته في مطلع عام 2021 حتى اصبح متاحاً للاندرويد خلال منتصف العام نفسه؟ وقتها قمت بتجربة البرنامج ووجدت لاحقاً غرف يتم انشائها من خلال بعض الاشخاص الذين يدعون انهم متخصصين في التعليق الصوتي والاداء الصوتي انضممت من باب الفضول كمستمع صامت لأجد ما كنت اخشاه.
كانت هذه الغرف عبارة عن جلسات لجلد الموهوبين وتحطيم احلامهم ونقدهم بشكل سئ ومع الآسف هذه اهم علامة تعرف من خلالها انك لا انت امام مدرب ولا انت امام مختص ومع الآسف كان يوجد الكثير من الاشخاص الموهوبين الذين فقدوا الثقة بانفسهم وبموهبتهم “بناءً على حديثهم لاحقاً” بسبب هذه الغرف والتى كان من يشرف عليها يصنع اسماً له من خلال القاء النقد كقوالب الحجارة على الموهوبين
ليس هذا فحسب ولكن ما يلفت النظر فعلاً انه لم يكن هناك اصلاً نقد حقيقي فما فائدة ان اقول لك انت مخطئ في هذه النقطة بدون ان اقول لك كيف تصححها؟
ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لي كانت الاهتمام المبالغ به بقواعد اللغة العربية فتحولت الغرف من تدريب الموهوبين على مهارات التعليق الصوتي لغرف لتعليم اللغة العربية والنحو والصرف ومخارج الحروف وكيف تنطق هذا الحرف نطقاً صحيحاً بدون اى خطأ، لا انتظر ايها الموهوب الخائن كيف تضع الضمة على هذه الكلمة وهى منصوبة وكيف لا تخرج لسانك في هذا الحرف انت لن تصبح معلق صوتي ناجح ومصيرك الفشل!
الانفصال عن الواقع
نحن نعيش مع 8 مليار انسان على هذه الارض باهتمامات مختلفة كل فرد من المليارات العديدة له حياة خاصة وله طريقة خاصة ولكن كل مجموعة من البشر تشكل جمهوراً لمنتج او خدمة ما واهتمامات المجموعة هى التى تشكل سوق المنتج او الخدمة.
لماذا اشرح ذلك؟ لتكون معي في نقطة هامة وهى ان من يحدد معايير السوق هم الجمهور وانت لن تفرض معاييرك عليهم وبالتالى حدثني عن اهمية اللغة العربية في عالم التعليق الصوتي والاذاعة والاداء الصوتي في القرن الماضي ولا تحدثني عنها اليوم، ضع لها من الاهمية 60% بل 70% وان شئت قل 100% قديماً من عشرات السنين وفي سوق اخرى ولكن لا تقل لى الآن ان فئة الشباب “الفئة العظمي من الكثير من المجتمعات” ستهتم لمخارج حروفك القياسية حتى وان كان على حساب المحتوى
هؤلاء من يشغلون وقتك بالساعات بتعلم اللغة العربية كانك ستكون خبير في مجمع لغوي يعيشون في واقع منفصل واحياناً يستخدمون معرفتهم باللغة العربية لتكون ستاراً على محدودية مهاراتهم الاخرى المتعلقة بالانتاج الصوتي
هل هم متخصصين حقاً؟
ماذا ان قٌلت لك اننى رئيس مجلس ادارة الشركة العليا لادارة البودكاست في كوكب الارض؟ في عالم السوشيال ميديا اصبحت الالقاب سهلة للغاية ولن يتاكد من كلامك احدهم لذا في رايي فهؤلاء ينقسمون لنوعين
غير متخصص ومحدود العلم
هو شخص ليس له علاقة بمجال الصوت ولكن استمع لهذا المذيع المشهور على هذه الاذاعة المشهورة واصبح يقلد صوته ثم قرر ان يعين نفسه مذيع ولاحقاً عندما قال له احدهم ان صوته رائع “صوته المقلد” قرر ان يصبح مدرب وموجه لتدريب الموهوبين وهنا دعنى اوجه لك السؤال، هل تود ان تكون هذه الشخصية مصدر معلوماتك؟
متخصص عتيق الطراز
هناك الكثير من المتخصصين حقاً ولديهم علم غزير في مجال مهارات تقديم المحتوى ولكن مع الآسف المعلومات التى يستطيعون ان يقدموها لك قديمة غير مناسبة لعصرنا الحالي ولن تؤهلك للحصول على فرصة عمل حالياً
اللغة العربية؟ مهمة ولكنها ليست اهم شئ في البودكاست

حتى اكون واضحاً بنسبة 100% اللغة العربية هى هويتنا نحن العرب ومصدر فخرنا، من الاساس وكما هو موضح سابقاً فالهدف من انشاء هذا الموقع ان يكون هناك مصدراً غنياً بالمعلومات باللغة العربية لاننى بالفعل اقوم بنشر معلومات كثيرة عن البودكاست وما يتعلق به من علوم اخرى باللغة الانجليزية على LinkedIn، وانا لست هنا لانقصها اهميتها فهى لغة القرآن الكريم وانا اعتز بها.
لك ان تتخيل ان في احدى المؤتمرات التى طُلب منى الحضور فيها كمتخصص وخبير في البودكاست رفضت القاء كلمتى باللغة الانجليزية لان المؤتمر على ارض عربية وبسبب اصراري قام الفريق المتخصص في تنظيم المؤتمر بترجمة كلمتي لكل الحضور
اهتمامك المبالغ باللغة العربية في مجال البودكاست او التعليق الصوتي لن يجعلك محترفاً ولن يحركك من خانة المبتدئين الا لخانة الهواة
عزيزي هذا السوق شرس، نريدك ان تتعلم مهارات بناء المحتوى واستراتيجيات صياغة محتوى احترافي، نريدك ان تتعلم كيف تسأل الضيف ومتى تقوم بإيقافه وكيف تقوم بذلك، نريدك ان تعلم كيف تدير حلقتك في اصعب الظروف وكيف تستهدف جمهورك وكيف تطور من محتواك وبرنامجك ليبقى دائماً ناجحاً، نريد منك الكثير من الاشياء التى فرضها علينا السوق الحالية للبودكاست والتعليق الصوتي.
هذا لا يعني اننا لا نريد منك ان تكون متحدثاً لبقاً، تعرف كيف تتكلم وتعرف كيف الفرق بين القاف والكاف وبين السين والثاء ولكن يمكن ان يكون لهذا اهمية مناسبة لا مبالغ بها وللعلم الامر نفسه ينطبق على كل العوامل الاخرى فالاهتمام المبالغ به مثلاً بادائك بدون الاهتمام باللغة في نفس مستوى السوء الذى اوضحه في حال الاهتمام باللغة على حساب باقي العوامل
لا احد يتحدث في المنزل على طريقة ناشيونال جيوجرافيك
عزيزي, التعليق الصوتي ليس ان تغلظ صوتك، الوثائقيات لا تعني ان تتحدث مثل المعلق الصوتي الشهير لسمكة التونة العنيدة لان يا عزيزي في معظم الاحوال هؤلاء يتحدثون باصواتهم العادية ولكن بطبقة صوت “يملكوها فعلاً” مناسبة لما يقولونه من سكربت ولا يتصنعون. لا احد يتحدث في المنزل على طريقة ناشيونال جيوجرافيك
مذيع نشرة الاخبار ليس نادر سيف الدين

نعم اعلم ان الطريقة المعروفة في فنون الاخبار هى تلك الطريقة الهادئة في سرد الخبر ولا يمكن الاستغناء عن هذا الهدوء في وجهة نظرى لاهمية الاحداث التى يتم سردها ولكن الامر جرى تطويره من مؤسسات عالمية في الاعوام الاخيرة واصبح هناك رغبة لدى صناع المحتوى الاخبار في الوصول لتوازن بين هذا الاداء الهادئ وبين اهمية التفاعل بشكل اكبر مع الجمهور اثناء عرض الخبر
قديماً، كنت ترى مذيع الاخبار ومذيعة الاخبار لا يتحدثون معاً ابداً ولا ينظرون لبعضهم تحت اى ظرف ولكن الآن اصبح هناك تفاعل مستمر بين المذيع والمذيعة بشكل لا يخل بقواعد القاء الاخبار ولكن لتكون عملية نقل الخبر اكثر ابداعاً
اهتم بكل شئ بمقدار معتدل
ما اود ان اقوله لك سواء كنت مقدم بودكاست او معلق صوتي او تعمل في مجال الاداء الصوتي هناك عوامل عديدة وكثيرة يجب ان تهتم بها اكثر من اهتمامك باللغة العربية. يجب ان تهتم بان تطور من محتواك وان تطور من مهاراتك في الاداء وتقديم المحتوى وان تهتم بتقديم تجربة استماع جيدة لجمهورك. لن يسمع احد حلقة لضليع اللغة العربية ولكن بدون اداء جذاب
اختر مُدربك

طريق التدريب منفرداً طويل وليس دائماً مضمون. انا اشجعك ان تجتهد وتتدرب ولكن اختر لنفسك موجهاً او Mentor ويفضل ان يكون مُدرباً ليس فقط متمرس كمقدم بودكاست ليستطيع نقل العلم لك ولكن ان لم يتوفر فلا بأس
اختر شخص بناءً على معايير منطقية وواقعية وليس لانك تحب فلان منذ الطفولة او ان فُلان يمثل لك الكثير من فترة المراهقة عندما كنت تستمع للاعلانات القديمة، ببساطة اختر لنفسك مُدرب يواكب العصر الحالي في الانتاج الصوتي
ارشح لك هذه المقالة الهامة لاستراتيجيات تكوين بودكاست ناجح: كيف تكون مقدم بودكاست ناجح على طريقة منتخب المغرب في كاس العالم قطر 2022؟
اكتب رأيك